نمو السكان وتوزيعهم - جغرافيا الرابعة متوسط الجيل الثاني - bem 2020

 نمو السكان وتوزيعهم

يتكون المجتمع الجزائري من أجناس بشرية متعددة، استوطنت الجزائر خلال مراحل تاريخية مختلفة تسمى بمراحل التعمير.

أولا - مراحل التعمير

المرحلة الأولى:

يعود ظهور الإنسان في الجزائر إلى فترة ما قبل التاريخ، حيث تم العثور على بقايا بشرية يرجع تاريخها إلى أكثر من 500 ألف سنة تعرف بإنسان تغنيفين، وساعد موقعها الجغرافي المطل على البحر الأبيض المتوسط شمالا، والمتوغل في جنوب إفريقيا جنوبا على توافد جماعات بشرية من الشرق ومن الجنوب  امتزجت بالسكان الأصليين.

مع بداية العصر الحجري انضمت إلى سكان الجزائر مجموعة بشرية متنوعة شكلت نواة الممالك البربرية، وتوالت التأثيرات الخارجية مع الألف الأولى قبل الميلاد، كالهجرة الفينيقية، والتوسع الروماني (من روما)، والوندالي (من إسبانيا)، ثم البيزنطي (من اليونان القديم)،  وهو ما عرف بالاستعمار الثلاثي.

المرحلة الثانية:

سمحت الفتوحات الإسلامية لبلاد المغرب بتوافد عناصر جديدة (عرب وفرس)، انصهرت وتلاحمت مع السكان الأصليين للجزائر، بالإضافة إلى التواجد العثماني في بداية العصر الحديث، الذي اقتصر استقراره على المدن الشمالية، وتمخض عنه نسيج اجتماعي جديد وهو فئة الكراغلة في المدن الشرقية.

  المرحلة الثالثة:

وهي مرحلة الاستعمار الفرنسي للجزائر والتي تم خلالها تشجيع استيطان المعمرين ليزداد تضخم العنصر الأوروبي خاصة في السهول الخصبة للإقليم الشمالي وانتقال الأهالي الأصليين (أصحاب الأرض) إلى المناطق الداخلية والجبلية الأقل خصوبة وإنتاجا.

ثانيا - مراحل تطور السكان في الجزائر (النمو السكاني) 

مر تطور السكان في الجزائر منذ 1851 م إلى 2006 م بثلاث مراحل هي:

المرحلة الأولى: مرحلة التراجع (1851 - 1872 م) 

تميزت بتراجع كبير في عدد السكان، ويرجع هذا إلى: 

• حرب الّإبادة الجماعية التي انتهجها الاستعمار الفرنسي لقمع الثورات الشعبية.
• التجنيد الإجباري وإقحام فرنسا الجزائريين في حروبها كحربها ضد ألمانيا 1870 م.
• الأمراض والأوبئة التي انتشرت بين السكان كوباء الطاعون الذي اجتاح الجزائر بعد خمسين سنة من الاحتلال (1851 م).
• المجاعة التي أصابت الأهالي الذين  سلبت منهم  أراضيهم الخصبة وهاجروا إلى الأراضي القاحلة ما بين 1866 و1868 م.

المرحلة الثانية: مرحلة النمو البطيء (1872 - 1960 م)

تراوحت خلالها نسبة الزيادة الطبيعية ما بين 0.4 % و1.8 %، وهو معدل ضعيف، وهذا بسبب:

• مشاركة الجزائريين في الحربين العالميتين الأولى والثانية 
• مجازر 08 ماي 1945 م
• اندلاع الثورة التحريرية الكبرى
• سياسة التهجير التي انتهجها الاستعمار ضد الأهالي 

المرحلة الثالثة: مرحلة النمو السريع (1960 - 2006 م)

بلغ خلالها النمو السكاني حد  الانفجار الديموغرافي وهذا راجع إلى: 

• تحسن الظروف المعيشية للسكان
• تطور الرعاية الصحية وانتشار الوعي الصحي خاصة ما تعلق منه بصحة الأم والطفل
• نقص الحروب والاستقرار والأمن

ثالثا - تركيب السكان (فئات المجتمع)

حسب السن 

الملاحظ  من الجدول أن المجتمع الجزائري مجتمع فتي حيث يغلب الشباب على تركيبة الفئات العمرية لسكان الجزائر، ويشكل الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة 40 % من السكان.

حسب النشاط الاقتصادي

نلاحظ أن قطاع الخدمات يحتل المرتبة الأولى من حيث توزيع اليد العاملة، وهذا بسبب توسيع شبكة الهياكل الإدارية، وارتفاع الطلب على مختلف الخدمات نتيجة ارتفاع نسبة التمدن.

رابعا - الحركة الديموغرافية 

تتميز الجزائر، وكسائر الدول النامية، بفتوة ديموغرافية إلا أن النمو الديموغرافي عرف تراجعا ملحوظا في السنوات الأخيرة والذي يمكن تفسيره بمايلي:

• اعتماد الدولة سياسة سكانية عملية قائمة على مبدأ عدم الإجبار بل على التوعية بضرورة التخطيط العائلي عن طريق تنظيم النسل وتباعد الولادات.
• النزوح الريفي إلى المدن وما صاحبه من إرتفاع في نسبة المتمدرسين وانخفاض نسبة الأمية والذي كان له الأثر الإيجابي في توعية الأفراد خاصة المرأة الجزائرية.
• تحسين المستوى المعيشي بما فيه الظروف التعليم والرعاية الصحية.

ملاحظة هامة: 

لا يعتبر انخفاض معدل النمو السكاني حلا للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية إذا لم يقابله نمو إقتصادي متوازن، يلبي حاجيات السكان ويحقق الرفاهية الاستهلاكية.

خامسا - توزيع السكان

تقدر الكثافة السكانية العامة لسكان الجزائر لسنة 2017 م بــ 17.24 نسمة /كلم مربع إلا أن الكثافة الفعلية متباينة من الشمال إلى الجنوب على النحو التالي:

• كثافة سكانية مرتفعة في التلال تفوق 300 نسمة/كلم مربع 
• كثافة سكانية متوسطة في منطقة الهضاب تصل إلى 100 نسمة/ كلم مربع.
• كثافة سكانية منخفضة في الجنوب حيث تصل إلى 5 نسمة/كلم مربع (10 من عدد السكان في مساحة قدرها 84)

سادسا - العوامل المتحكمة في توزيع السكان 

يتوزع السكان في الجزائر تبعا لعوامل عديدة منها:

عوامل طبيعية: يتمركز أغلب السكان في المنطقة الشمالية السهلية ذات المناخ المعتدل والتربة الخصبة والأمطار الوفيرة، وكذلك في المناطق الداخلية المعتدلة أما الإقليم الجنوبي فتقل فيه الكثافة السكانية بسبب تربته الرملية ومناخه الحار والجاف الطارد للسكان، ما عدى بعض الواحات.

عوامل اقتصادية: تستقطب المدن الكبرى الصناعية والتجارية وذات الموانئ البحرية السكان بشكل كبير بسبب وفرة الخدمات وفرص العمل. بالإضافة إلى الطرق المعبدة والسكك الحديدية حيث يفضل السكان استيطان الأماكن المربوطة بشبكة مواصلات هامة لأنها تسهل تنقلاتهم.

عوامل سياسية: ساهم الاستعمار في عمليات النزوح من القرى والأرياف نحو المدن الكبرى بحثا عن الاستقرار والأمان مما أدى إلى تكوين مدن مكتظة بالسكان.

عوامل تاريخية: تعود الكثافة السكانية المرتفعة في بعض المناطق الجبلية إلى عوامل تاريخية كتمسك القبائل بمناطق سكنهم الأصلية.

نمو السكان وتوزيعهم