الحركة الوطنية خلال الحرب العالمية الثانية
(1939 - 1945 م)
قامت فرنسا، خلال صدامها المسلح مع ألمانيا، بتجنيد كل الإمكانيات المادية والبشرية للجزائر باعتبارها أهم مستعمرة لها، فسخرت خيرات البلاد، واستنزفت مواردها لتموين الحرب، وأقحمت الشباب الجزائري إجباريا في المعارك، ودفعت به إلى الخطوط الأمامية لجبهات القتال.
وحتى تتمكن من هذا، لجأت إلى الحفاظ على هدوء الساحة السياسية، فحلت الأحزاب المعارضة لها، ومزقت صفوفها، وكبت حريات قادتها، وأهم مناضيها في السجن، وانتهجت أسلوب الملاينة والتسويف مع جماعة النخبة، حيث وعدتهم بتحقيق مطالبهم عندما تنتهي الحرب وتسمح الظروف بذلك، وأظهرت محبتها الخادعة لأفراد الشعب حتى تضمن إقبالهم على التجنيد والتطوع في الجيش، من أجل القضاء على ألمانيا.
وهكذا عاشت الجزائر خلال الحرب العالمية الثانية، أوضاعا اقتصادية واجتماعية مزرية (فقر - جوع - بؤس - أمراض - أوبئة)، وفراغا رهيبا على مستوى الساحة السياسية.
بيان 10 فيفري 1943 م
كان لنزول قوات الحلفاء بالجزائر، في 8 نوفمبر 1942 م، الأثر الواضح في بلورة الوعي التحرري، ودخول الحركة الوطنية مرحلة جديدة من النشاط السياسي، إذ أقدم مجموعة من مناضلي حزب الشعب، وجمعية العلماء المسلمين، والنواب، منهم: أحمد بومنجل - الأمين دباغين - عسلة الحسين - العربي التبسي... يترأسهم فرحات عباس، على عقد إجتماع تمت خلاله مناقشة أوضاع الجزائر، وما أفرزته الحرب العالمية الثانية من انعكاسات، محاولين إيجاد حل للقضية الجزائرية، معلقين آمالا عريضة على الشعارات التحررية التي هتف بها معسكر الحلفاء، كحق الشعوب في تقرير مصيرها، والمساواة في الحقوق والواجبات، ومحاولين كسب تأييدهم من خلال بيان قام فرحات عباس بصياغته في 10 فيفري 1943م ، أسماه بيان الشعب، وضح من خلاله أوضاع الجزائر منذ بداية الاحتلال، وكل الإصلاحات الفاشلة التي قامت فرنسا بتطبيقها، وقدم منه نسخا، في 31 مارس 1943 م، إلى كل من الحاكم العام مارسيل بيروتون، وممثلي الحلفاء، كما بعث بنسخ إلى شارل ديغول، والحكومة المصرية، من أجل إخراجه من المستوى المحلي إلى المستوى الدولي. ومن أبرزمطالب البيان:
المطالب المستعجلة:
- إدانة الاستعمار والقضاء عليه
- تقرير المصير لجميع الشعوب
- منح الجزائر دستورها الخاص
- مشاركة المسلمين في حكم بلادهم عاجلة وفعلية
- إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسين من جميع الأحزاب
المطالب المؤجلة إلى نهاية الحرب العالمية الثانية:
- تكوين مجلس تأسيسي جزائري منتخب عن طريق الانتخاب العام
- تصبح الجزائر دولة لها دستورها الخاص
رد فعل الحلفاء وفرنسا على البيان
- جاء رد فعل الحلفاء مخيبا لآمال الشعب الجزائري بصفة عامة، ولزعماء الحركة الوطنية بصفة خاصة، حيث رفضوا الرد على البيان بدعوى أن القضية الجزائرية شأن داخلي يخص فرنسا وحدها، وأن مهمتهم محددة تقتصر على محاربة دول المحور.
- أما فرنسا التي هزها البيان نظرا لما لمسته من يقظة ووعي سياسي بين طيات مطالبه، فقد تحركت نحو الإصلاح، ببطئ وتردد، في محاولة منها لاحتواء الوضع وتهدئته، حيث أعلن الجنرال ديغول خلال زيارته لمدينة قسنطينة، في 12 سبتمبر 1943 م، أن حكومته ستصدر مشروع قانون يمنح الجزائريين جملة من المطالب تجسدت في أمرية (قانون) 7 مارس 1944م، وهي عبارة عن إصلاحات شكلية هدفها ربح الوقت.
رد فعل الحركة الوطنية
رفض فرحات عباس ورفقاؤه الإعتراف بالإصلاحات الهزيلة التي قدمتها فرنسا لأنها تتنافى مع ما جاء في البيان، واعتبروها نسخة مطابقة لمشروع إدماجي سابق تجاوزته الأحداث وهو مشروع بلوم فيوليت، ما دفعهم إلى التقرب والتكتل والجمع بين مختلف الاتجاهات فأسسوا تجمع أحباب البيان والحرية في 14 مارس 1944 م وهو أول حركة سياسية وحدت نشاطات التيارات السياسية في الجزائر والتفت حولها الجماهير الجزائرية، باستثناء الحزب الشيوعي .
 |
|
فرحات عباس - الحركة الوطنية
انا عضوة في مدونتك سيدتي
ردحذفمرحبا يا أريج
حذفمتى يتم اكمال الدروس الأخرى من فضلك 🌼🌿
ردحذفمن فضلك بقية الدروس
ردحذفشكرا لك
ردحذف