الحركة الوطنية ما بين الحربين العالميتين (1919 - 1939م) - تاريخ الرابعة متوسط الجيل الثاني - bem 2020

الحركة الوطنية ما بين الحربين العالميتين

 (1919 - 1939م)

أولا - تعريف الحركة الوطنية 

هي مقاومة  سياسية، وفكرية، ظهرت في مطلع القرن العشرين، في شكل تنظيمات، وأحزاب سياسية، أخذت تيارات إصلاحية مختلفة،  وجاءت بعد أن تغلغل الضعف والوهن في المقاومات الشعبية المسلحة، قادها نخبة من المناضلين، هدفهم تخليص الشعب من الاستعمار الفرنسي.

ثانيا - عوامل ظهور الحركة الوطنية (ظروف التحول إلى المقاومة السياسية)

1- العوامل الداخلية 

• فشل الثورات الشعبية بسبب التباين الكبير في موازين القوة العسكرية بين الجبهتين (تفوق فرنسا تسليحيا وتنظيميا)
• استمرار الاحتلال الفرنسي  للجزائر بكل ثقله وتبعاته (قمع -  إبادة - تجهيل - تهميش - تفقير)، للقضاء على الشخصية الوطنية.
• القوانين التعسفية والمجحفة التي سنتها فرنسا على الجزائر، كقانون التجنيد الإجباري 1912 م، الذي زج بالجزائريين في حروب فرنسا الاستعمارية. 
• توسع النشاط الفكري الإصلاحي في الجزائر والذي تزعمه علماء أمثال عبد الحميد بن باديس.
• الإصلاحات التي تضمنها قانون 1919م، والتي فتحت المجال لظهور عدة اتجاهات سياسية.

2- العوامل الخارجية (الدولية)

• التأثر بالحركات الإصلاحية في المشرق العربي، وبفكرة الجامعة الإسلامية،  بزعامة صلاح الدين الأفغاني ومحمد عبده.
• تخرج الشباب الجزائري من المدارس الفرنسية، والمعاهد العربية الإسلامية، وعودتهم إلى الوطن متطلعين إلى فكرة الإصلاح الشامل.
• عودة المجندين في حروب فرنسا إلى الجزائر محملين بآفاق سياسية وفكرية تحررية جديدة.
• الحرب العالمية الأولى وما حملته من أفكار، ومبادئ، وشعارات تحررية، أهمها مبادئ ويلسون الأربعة عشر.

ثالثا - مظاهر الحركة الوطنية 

تعددت اتجاهات الحركة الوطنية بسبب اختلاف الإنتماء الطبقي، والثقافة، والمستوى التعليمي، والمنظور السياسي للشباب الجزائري المتعلم، فتعددت الأحزاب بتعدد الأفكار والآراء.

1- اتجاه المساواة 

مثله حزب الإخاء الجزائري (دعاة المساواة)، الذي أسسه الأمير خالد، رائد المقاومة الوطنية، في 1919م. تلخصت مطالبه في:

• المساواة في الحقوق والواجبات مع الحفاظ على المقومات العربية الإسلامية 
•  الاعتراف بالاستقلال السياسي الجزائري
• حق التمثيل النقابي في جميع المؤسسات 

كما قام الأمير خالد بمراسلة مختلف الشخصيات، والجهات العالمية، من أجل التعريف بالقضية الجزائرية، وبرز نشاطه حين قدم عريضة مطالب للرئيس الأمريكي ولسن، في مؤتمر الصلح، مؤكدا من خلالها على حق الجزائريين في تقرير مصيرهم.

2- الاتجاه الاستقلالي

مثله تنظيم نجم شمال إفريقيا، الذي أسسه أب الوطنية الجزائرية، مصالي الحاج، في 20 جوان 1926م، وأعيد تأسيسه في 11 مارس 1937م، بعد تعرضه للحل في العديد من المرات، باسم حزب الشعب، وهو الحزب  الذي لعب الدور الكبير والفعال في الحركة الوطنية، عرف بالتنظيم، والنشاط الواسع عبر العديد من المدن الجزائرية. في البداية تبنى أعضاؤه أفكار الأمير خالد، ثم تطورت مطالبهم إلى:

• الاستقلال التام للجزائر
• الجلاء التام لجيوش فرنسا
• الإلغاء الفوري لجميع القوانين والإجراءات التعسفية
• إجبارية التعليم باللغة العربية

3- الاتجاه الليبيرالي الإدماجي

مثلته فيديرالية المنتخبين الجزائريين، والتي أسستها جماعة النخبة، المشبعة بالثقافة الفرنسية، في جوان 1937م، من أهم دعاته: ابن التهامي فرحات عباس - محمد الصالح بن جلول. من مطالبه تحقيق الإدماج الفعلي وذلك بـ:

• المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية بين الجزائريين والمستوطنين
• النهوض بالمجتمع الجزائري
• إلغاء القوانين الإستثنائية
• حق التمثيل النقابي

وقد لاقت مطالب هذا الحزب الرفض من الطرفين: 

- الشعب الجزائري، لأنها  لا تعبر عن مطالبه الحقيقية.

- المستوطنين المعارضين لفكرة المساواة بين الجزائريين والفرنسيين.

4 الاتجاه الإصلاحي

مثلته جمعية العلماء المسلمين التي ترأسها عبد الحميد بن باديس. تشكلت، في 5 ماي 1931م، من أبرز العلماء الجزائريين منهم: البشير الإبراهيمي - الطيب العقبي - العربي التبسي - مبارك الميلي، وتمثل نشاطها في:

• معارضة سياسة الفرنسة والإدماج 
• التعليم باللغة العربية 
• محاربة الخرافات والبدع 

وقامت الجمعية بترجمة مبادئها من خلال التعليم عبر شبكة المدارس القرآنية والمساجد،  والتوعية عبر النوادي الثقافية، والجرائد والمجلات. ورغم مظهرها الإصلاحي،  فإنها كانت تحمل أبعادا سياسية.

5- الاتجاه الشيوعي

مثله الحزب الشيوعي الذي تأسس في 25 جانفي 1936م، بزعامة عمار أزقان، أغلب أعضائه أوروبيون مقيمون في الجزائر. لم يظهر هذا الحزب اهتماما واضحا بالقضية الجزائرية، واعتمد مطالبا اقتصادية واجتماعية بالدرجة الأولى، أهمها:

• تحسين معيشة السكان 
• رفع الأجور
• تحقيق العدالة الاجتماعية

كما طالب بالارتباط الدائم بفرنسا من خلال:

• رفض الوطنية الجزائرية
• المساواة بين الجزائريين والفرنسيين ضمن الاتحاد الفرنسي
• المطالبة بالجنسية الفرنسية 

رابعا - رد الفعل الفرنسي

تجلى رد الفعل الفرنسي في موقفين، أحدهما إغرائي، والثاني قمعي استئصالي

1- السياسة الإغرائية

جاءت في سياق تبني إصلاحات سياسية ظاهرها خدمة المجتمع الجزائري منها:

• إصلاحات فيفري 1919م: هدفت إلى امتصاص غضب الجزائريين  ومقاومتهم، و إلى إرضاء النخبة التي طالما طالبت بالحقوق السياسية، واعترافا لمن ساهم في تحرير فرنسا من القوات الألمانية. وتمثلت في منح حق التصويت في المجالس المحلية لبعض الجزائريين، وإعطائهم الامتيازات التي يتمتع بها كل شخص يحمل الجنسية الفرنسية بشروط.

• مشروع بلوم/فيوليت ديسمبر 1936م: هو مشروع سياسي إدماجي ينسب إلى رئيس الحكومة ليون بلوم، والوالي العام الفرنسي للجزائر مورييس فيوليت، يمنح الحقوق السياسية لبعض الفئات من الجزائريين (التجار البرجوازيين - كبار ملاكي الأراضي الزراعية - المثقفين) دون اشتراط التخلي عن الأحوال الشخصية الإسلامية، كما تضمن إصلاح محتوى التعليم، وإصلاح القطاع الزراعي، وإلغاء المحاكم الخاصة بالجزائريين...   

2- السياسة القمعية

انتهجتها فرنسا تجاه الحركات ذات البعد الوطني وتمثلت في:

•  حل الأحزاب (حركة الأمير خالد، حزب نجم شمال إفريقيا)
• النفي والإبعاد، والإقامة الجبرية، والسجن (نفي الأمير خالد - سجن مصالي الحاج)
•  تجميد نشاط الحركات، ومصادرة الجرائد والمجلات وتوقيفها (حركة الأمير خالد - نجم شمال إفريقيا - جمعية العلماء المسلمين)
• فرض الغرامات المالية الباهظة على قادة الأحزاب ومناضليهم              

                                                                                                  

الحركة الوطنية (1919م - 1939م)