مقاومة الأمير عبد القادر - التاريخ الوطني السنة الرابعة متوسط الجيل الثاني - bem 2020

مقاومة الأمير عبد القادر

تمثل مقاومة الأمير عبد القادر مرحلة هامة من مراحل الكفاح المسلح، الذي خاضه الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي في طوره الأول. 

أولا- التعريف بالأمير بعد القادر

هو الأمير عبد القادر بن محي الدين الحسيني (1808م - 1883م)، شاعر وكاتب وفيلسوف، ورائد سياسي  وعسكري  محنك. مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة. اشتهر برفضه المطلق لوجود الاستعمار على أرض الوطن، وكان رمزا للمقاومة ضد الاضطهاد الفرنسي. ولد بقرية القيطنة قرب مدينة معسكر، لكنه توفي بمنفاه بدمشق، ودفن هناك. و في عام 1966 م، تم نقل جثمانه إلى الجزائر، ليوارى تراب مقبرة العالية.

ثانيا- بيعة الأمير عبد القادر 

تمت مبايعة الأمير عبد القادر من طرف قبائل وأعيان الغرب، بالإمارة، وقيادة الثورة المسلحة، في 27 نوفمبر 1832 م، بعد أن أظهر في المقاومات التي شنها الجزائريون ضد فرنسا، شجاعة وبطولة أبهرت الجميع، خاصة في معركتي خنق النطاح الأولى، في 4 ماي 1832 م، والثانية، في 4 جوان 1832 م. وتمت البيعة في سهل غريس، قرب معسكر، عند شجرة الدردار، تيمنا ببيعة الرسول صلى الله عليه وسلم، تحت الشجرة. وبمجرد مبايعته، شرع الأمير في بناء اللبنة الأولى للدولة الجزائرية الحديثة، فكانت مسيرته حافلة بالإنجازات العسكرية والسياسية الهامة.

ثالثا- مراحل مقاومة الأمير عبد القادر 

مرت مقاومة الأمير بثلاث مراحل: 

1- مرحلة الانطلاق والقوة (1832  - 1837 م)

أسس خلالها الأمير جيشه، وشرع في محاصرة القوات الفرنسية، في المدن والمراكز المحتلة، كوهران، ومستغانم، وقطع عنها التموين، واتبع حرب العصابات كخطة عسكرية، والتي تعتمد على أسلوب المفاجأة، وعدم المواجهة المكشوفة، بسبب عدم التكافؤ في القوة والعتاد. وهو ما أجبر فرنسا على طلب الصلح، وعقد معاهدة دي ميشال، في 26 فيفري 1834 م. واستغل الأمير هذه الهدنة لتنظيم جيشه، واستيراد العتاد والسلاح من الخارج. وفي جوان 1835 م، نقضت فرنسا المعاهدة، الأمر الذي دفع الأمير إلى استئناف القتال، ليلحق هزيمة نكراء بالقوات الفرنسية في معركة وادي المقطع الشهيرة في 17 جوان 1835 م.
وبعد فشل فرنسا في الانتقام، وعجزها على فك الحصار المضرب على جيشها في وادي تافهة، اضطرت أن تعقد صلحا آخر مع الأمير، وكلفت الجنرال بيجو بالتفاوض، وطلب معاهدة صلح، سميت بمعاهدة التافنة، في 30 ماي 1837 م.

2- مرحلة الهدوء المؤقت وتنظيم شؤون الدولة (1837 - 1839 م)

وفقا لمعاهدة التافنة، احتفظت فرنسا بالمدن الساحلية، مستغانم، وأرزيو، ووهران، واعترفت بسيادة الأمير على بقية المناطق، واستغل الأمير هذه الهدنة في توطيد دعائم دولته، وتعزيز قوته العسكرية.

مظاهر دولة الأمير عبد القادر 

• تقسيم البلاد الواقعة تحت سلطته، إداريا، إلى 8 مقاطعات، على رأس كل منها خليفة يديرها.
• تشكيل مجلس وزاري مصغر ومجلس شورى.
• إقامة جهاز قضائي، يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية. 
• تنظيم الميزانية وفقا لمبدأ الزكاة، وفرض ضرائب إضافية لتغطية نفقات الجهاد.
• تدعيم القوة العسكرية، ببناء مصانع للأسلحة والدخيرة، وذلك بالاستعانة بخبراء أجانب، وكذا بناء حصون عسكرية على مشارف الصحراء.
• تصميم علم وطني، وشعار رسمي للدولة. 
• سك عملة جزائرية.
• إرسال العلماء لنشر العلم في الأوساط الشعبية.
• جمع المخطوطات حفاظا عليها من الضياع.
• مباشرة علاقات ديبلوماسية خاصة مع سلطان المغرب، عبد الرحمن بن هاشم، للتحالف معه.

3- مرحلة الهزيمة والإستسلام (1839 - 1847م) 

بعد أن حققت فرنسا أهدافها بالقضاء على مقاومة أحمد باي، واحتلال قسنطينة عام 1837 م، بادرت إلى نقض معاهدة التافنة، بعبور قواتها الأراضي التابعة للأمير. واتبع الجنرال بيجو حرب إبادة شاملة ضد القبائل الثائرة ضد فرنسا، فحرق أراضيها، ومحاصيلها الزراعية، وصادر مواشيها، وفرض ضرائب باهظة عليها، وقتل جميع الرافضين الاستسلام لسلطة فرنسا، لإضعاف روح المقاومة لدى الأهالي.

وأغلقت فرنسا الحدود مع المغرب الأقصى،  وضربت الحصار على المدن التابعة للأمير، لإجباره على الخروج منها، كي تسهل مطاردته،  مما اضطره إلى تكوين عاصمة متنقلة (الزمالة).  وبسقوطها سنة 1843 م، لجأ  الأمير إلى المغرب، طالبا مساعدة سلطانه،  عبد الرحمن بن هاشم، الذي سانده في بادئ الأمر، ثم أجبر على التخلي عنه، بعد قصف الأسطول الفرنسي لمدينتي طنجة والصويرة، ليعود الأمير إلى الجزائر في سبتمبر 1845 م، محاولا تنظيم المقاومة من جديد، لكن بعد محاصرته من طرف الجيش الفرنسي شرقا، والسلطان المغربي غربا، وخيانة بعض القبائل له،  اضطر إلى التخلي عن العمل المسلح، والاستسلام في 27 ديسمبر 1847 م.

مقاومة الأمير عبد القادر